كلنا يا عزيزي بسطرمه ..فهل سنظل نؤكل هكذا ؟ّ
كلنا يا عزيزي بسطرمه ..فهل سنظل نؤكل هكذا ؟ّ
( مقال يؤكل ولا يقرأ )
من رحم الحياة تولد من امك والى رحم الموت تدخل الى قبرك ولكنك من هذا الرحم الدافع الى ذلك الرحم القابل تمر برحم آخر اصطناعى !
هذا الرحم الاصطناعي مرتب لك ترتيبا دقيقا لم يترك لك لحظة واحدة تلتفت فيها يمينا او يسارا !
هذا الرحم الاصطناعى هو حياتك ومآلك ومنتوجك وكيانك !
الم تلاحظ يوما ما انك وكل اصدقائك وكل معارفك تقريبا تفكرون بنفس الطريقة ولكم نفس العقلية وعندكم نفس الاهداف ؟!!
انه الرحم الاصطناعي الذي لا يخرج لنا غير البسطرمة ومهما ادخل فيه الا انه فى النهاية يخرج كتلة من اللحم بشكل محدد وبمذاق محدد وبحجم محدد !
1
يبدأ الرحم الاصطناعي – الة صنع البسطرمة – من ان تنزل من رحم امك الى امك فتجد ما قاله اللورد كرومر -المعتمد البريطانى فى مصر - عن الام مطبقا !
حيث قال ان التحول السياسي والاقتصادى لمصر وادخالها فى الحضارة الاوربية يتطلب تحولا فى المنزل وبالتالى تحولا فى تلك الام المسيطرة على ذلك المنزل !
فتجد أمك لا يهمها الا ان تكبر بيولوجيا وتنمو وترعرع حتى تدخل المدرسة !
2
ثم تذهب الى المدرسة فتجد ما نقله رفاعه الطهطاوي عن اللاهوتى الكاثوليكي الفرنسى فرانسوا فينيلون , مع الاحتفاء به ! , :
"نحن السادة ، يجب أن نستولي علي رعايانا في شبابهم المبكر . اننا سوف نبدل أذواق وعادات كل الشعب . وسوف نعاود البناء بدءا بالاسس نفسها ونعلم الشعب ان يحيا حياة مقتصدة ، بريئة ، عامرة بالنشاط وفق نمط قوانينا "
فتدرس مناهج معينه بطريقة معينة على ايد اناس بعينهم لكى تفكر بشكل محدد مع نفسك ومع من حولك وتجاه السلطة التى تحكمك !
3
ثم يتلقفك بعد ذلك المتلاعبون بالعقول المسمون الاعلاميون فيتلاعبون بك بنشرات الاخبار والمسلسلات والافلام مرورا بالبرامج الثقافية و الرياضية و والاعلانات الاستهلاكية ومع مرور الوقت تجد نفسك تنشغل بما يريدون هم ان يشغلوك به وتصبح كالميت فى يد مغسله لا حول لك ولا قوة وكل هذا يتم وانت فرحان نشوان !
ثم تخرج الى المجتمع وما ادراك ما المجتمع !
4
مجتمع قمعى مسيطر عليه من قبل نخب عسكرية مسيطر عليها هى الاخري عبر الاحتجاز الجسمانى لهم والرصد المتواصل للسلوك والسيطرة على الحركات والايماءات والانشاء الدقيق للهرميات مع تحديد عقيدتهم القتالية التى فى الغالب تجنح الى الضبط الداخلى مع التخاذل الخارجى وعبر تلك النخب يتم ضبط الكتل البشرية والمساحات المجتمعية ولذلك كتب ضابط عسكري فرنسي في الجزائر في تقرير عن انتفاضة أخمدتها قواته عامي : 1845 - 1846 يقول :
" إن هناك طريقتين لتأسيس سلطة سياسية علي سكان ما : طريقة القمع وطريقة التربية ، والاخيرة بعيدة المدي وتعمل علي العقل ، أما الاولي فتعمل علي الجسم ولا بد أن تأتي أولا .
الشيئ الجوهري بالفعل هو أن تجمع في مجموعات هذا الشعب الموجود في كل مكان وليس في أى مكان : الشيئ الجوهري هو أن نجعل منهم شيئا يمكن أن نحكم قبضتنا عليه ، وحين نملكهم في أيدينا ، سيكون باستطاعتنا عندئذ أن نصنع العديد من الاشياء المستحيلة تماما بالنسبة لنا اليوم والتى ربما سمحت لنا بأن نأسر عقولهم بعد أن أسرنا أجسامهم"
5
واذا قرأت تقرأ صحف معينة واصدارات معينة خارجة من تلك السلطة ومن تلك الوزارة التى تريد ان تحتل عقلك وترسخ فيه قيم سلطوية خاضعة خانعة تريد لك ان تأكل عيش !
بمناسبة أكل العيش أنت طبعا لا تحتاج منى ان انبهك انك فى كل تلك الحياة والمراحل انت او اهلك لاهثون وراء اعمالكم حتى تقدروا ان تعيشوا والا ستموتوا فلا يراد لكم بالطبع ان تموتوا ولا يراد لكم ايضا ان تعيشوا حياة تلتفتون فيها الى كل هذا الفرم والمطحنة فقط يسمح لكم ان تعيشوا لاهثين وراء اكل عيشكم وكما ان البسطرمة لا ترى ما يفعل بها كذلك انتم !.
بالطبع كل هذا يتم بعد تجفيف ومصادرة المؤسسات غير الحكومية والجماعات الوسيطة كالمسجد والنقابات وكل وسائط المجتمع المدنى الاهلى التى كان لها الدور الاكبر فى التاريخ فى تشكيل وتكوين العقل الجمعى والمجتمعي .
وهكذا !
يراد لنا يا سادة ان نصبح بسطرمة كل ما تفعله هى ان تؤكل من قبل افواه اخري !
اجسادنا محكومة وعقولنا ممسوحة وارواحنا مسيطر عليها كما نصح جوستاف لوبون المستعمرين بان يسلبوا ارواح الحضارات التى يريدون ان يغيروها !
كلنا شبه بعض , كلنا بنفكر فى نفس الاشياء , كلنا بنعمل نفس الافعال, كلنا بسطرمه !
قد سيطروا على المجتمعات وضبطوا العقول وأطروا النفوس وجرفوا الابداع !
ولكن من هم هؤلاء ؟!
هؤلاء هم الذين ورثونا بنية الدولة التى نعيش فيها حتى هذه اللحظة , الدولة الاستعمارية !
تصوروا اننا الى هذه اللحظة نعيش فى بنية الدولة الاستعمارية بهياكلها ومؤسساتها وافكارها ورؤاها حتى على مستوى التخطيط العمرانى والمباني !
الى هذه اللحظة !
لكن ما العمل !
العمل هو العمل !
هو الوعى بما انت فيه . انت فى دولة استعمارية حتى هذه اللحظة , انت مسيطر عليك , انت داخل السياق يا فتي !
وبعد الوعى يأتى الانقلاب على السيناريو وقلبه من الخارج !
لا للبسطرمة بعد اليوم
اليوم نأكل ولا نؤكل !
Post a Comment